ايوب عليه السلام شعار الصبر
قصصُ الأنبياء فيها الدروسُ والعبر، نتعلمُ منهُم مناهجَ الحياةِ في كلّ الأحوال، في الرخاء وعندَ البلاء، نتعلمُ الصبرَ ونتعلمُ الشكر، أيوب عليهِ السلام شعارٌ للمبتلين، ونموذج للصابرين، وقدوةٌ لنا أجمعين،
نسيرُ على نهجِه فلا نعترض على أوامر الله ونصبر على قدره، فالخيرُ ما اختارهُ الله
ومن يتقي الله يجعلُ له مخرجًا ويرزقهُ من حيثُ لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
من هو النبي ايوب عليه السلام ؟
لعلّ أعظمُ قصص الصبر في التاريخ البشريّ قصةُ أيوب عليهِ السلام، حتى ضُرب المثلُ به فيُقال:
(يا صبر أيوب)، بمعنى “اللهمّ ارزقني صبرًا كصبرِ أيوب”.
نسب أيوب عليه السلام
أيوب عليه السلام من ذرّية إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، يقول الله تعالى عن سيدنا إبراهيم:
{وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.
نعم الله على أيوب عليه السلام
أعطى الله أيوب عليه السلام من النّعم الكثير:
أعطاهُ العلمَ والحكمة والنبوة.
وأعطاهُ المال الكثير والأنعام والعبيد.
وأعطاهُ الصحة والعافية، والأصحاب، و7 من البنين و7 من البنات.
بلاء سيدنا ايوب عليه السلام
تجمّعت لهُ الخيرات ثم أرادَ الله أنْ يجعلهُ مثلًا في الصبر، فجاءت الابتلاءات بصور مختلفة ومتنوّعة:
بدأت بفقدهِ الأموال والأراضي والعبيد، ثم ابتلى بصحتهِ فأصابتهُ الأمراض حتى أُقعد، وابتعدَ عن الأصحاب عنه فصارَ وحيدًا، ثم أصبحَ البلاءُ عظيمًا ففقد الأبناء واحدً تلو آخر 14 ولد وبنت.
زوجة ايوب عليه السلام
لم يبقى لأيوب عليهِ السلام شيءٌ مما كانَ، إلا زوجتُه المُضحية الصالحة التي كانت صابرةً معهُ تطببه وترعاه، واثنين من الأصحاب يسألونَ عنه من بعيد، صبرت زوجةُ أيوب معه وصارت تعمل لتنفقَ على نفسها وعليه، ثم في أحدِ الأيام بعد أنْ مضى على الابتلاء (18) سنة تعبت وأرهقت -وحُقّ لها- فقالت: (يا نبي الله، لو دعوت الله عزّ وجل لنا).
صبر ايوب عليه السلام
أيوب عليه السلام من صبره ما كان يدعو أن يرفع عنه البلاء، وإنما كان يحمد ويشكر الله سبحانه، فعندما طلبت زوجته أن يدعو الله أن يرفع البلاء قال لها: كم لبثنا في الرخاء؟ قالت: (80) سنة، قال:
(فإني أستحي أن أسأل الله حتى يمضي علينا في الشدّة كما مضى في الرخاء)،
فبكت واستاءت فغضب وقال:
(تعترضين على أمر الله، والله لإن شفاني الله لأضربنك 100 ضربة).
دعاء سيدنا ايوب
ازداد البلاء شدّة على أيوب وزوجته فقد رفض الناس أنْ تعمل عندهم، ولم يعد لديهما ما يأكلان فصاما عن الطعام حتى أنهكهما الجوع، وإذ بزوجة أيوب تأتي ببعض الطعام فسألها عن مصدره فلم تجب، ثم ألحّ عليها فبكت وكشفت عن رأسها فإذا هي قد قصّت شعرها وباعته، فتأثر أيوب عليه السلام لحالها وتوجّه إلى الله تعالى بدعاء عجيب:
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}،
وصف حاله بمنتهى الأدب مع الله،
خجلًا من السؤال والشكو
فرج الله على أيوب عليه السلام
هنا أرسل الله له الملك فأمره أن يضرب برجله الأرض، فتفجرت ونبع الماء فاغتسل منه فبرئ من الأمراض الظاهرة، ثم شرب فشفي من الأمراض الداخلية، ثم رجعت زوجته إلى البيت فما عرفته وجعلت تسأله عن نبي الله المبتلى فضحك،
ثم أنزل الله عليها رحماته فرجعت شابّة في عمر العشرين بعد أنْ كانت عجوزًا في الثمانين، وزرقهما الله الولد فكانت تلد التوائم حتى بلغ عددهم (26).
أما المال: فيروى عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً، فخَرّ عليه جرادٌ من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربّه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟، قال: بلى وعزّتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك».
تجلى في قصة أيوب عليه السلام معنى الفرج بعد الشدّة، ثم عاتبهُ المولى على قسمهِ بضرب زوجته، وأمرهُ حتى يبرّ بقسمه أن يأخذ حزمةً لينة من قشّ فيها 100 عود، فيضربَ بها ضربةً واحدة إكرامًا لها ولصبرها.
قصة أيوب عليه السلام في القرآن الكريم
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (42) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (43) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ (44) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
ختامًا
نسأل الله تعالى
أن يرفع البلاء عن المبتلين،
وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين،
وأن يعوض من أصابته النوائب خيرًا في الدنيا والآخرة،
نسأله أن يجعلنا راضين بقسمته لنا
فنحن عبيده وهو الكريم وأرحم الراحمين.
Tags:
قصص دينية