الكبيرة الخامسة : منع الزكاة
قال الله تعالى : { لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } و قال الله تعالى : { و ويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة } فسماهم المشركين و قال الله تعالى : { و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } و ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ما من صاحب ذهب و لا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جنهم فيكوى بها جبينه و جنبيه و ظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار قيل يا رسول الله فالإبل ؟ قال : و لا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها و تعضه بأفواهها كلما مر عليه أولها رد عليه آخرها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار قيل : يا رسول الله فالبقر و الغنم ؟ قال : و لا صاحب بقر و لا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر ليس فيها عقصاء و لا جلحاء و لا عضباء تنطحه بقرونها و تطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخرها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار ] و قال صلى الله عليه و سلم : [ أول ثلاثة يدخلون النار ـ أمير مسلط و ذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله تعالى من ماله و فقير فخور ] و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من كان له مال يبلغه حج بيت الله تعالى و لم يحج أو تجب فيه الزكاة و لم يزك سأل الرجعة عند الموت فقال له رجل : اتق الله يا ابن عباس فإنما يسأل الرجعة الكفار فقال ابن عباس : سأتلوا عليك بذلك قرآنا قال الله تعالى : { و أنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق } أي أؤدي الزكاة { و أكن من الصالحين } أي أحج قيل له : فما يوجب الزكاة ؟ قال : إذا بلغ المال مائتي درهم وجبت فيه الزكاة قيل فما يوجب الحج ؟ قال : الزاد و الرحلة و لا تجب الزكاة في الحلي المباح إذا كان معدا للإستعمال فإن كان معدا للقنية أو الكراء و جبت فيه الزكاة و تجب في قيمة عروض التجارة و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزميته ـ أي بشدقيه ـ فيقول : أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية : { و لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } ] أخرجه البخاري و عن ابن مسعود رضي الله عنه في قول الله تعالى في ما نعي الزكاة : { يوم يحمى عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم } قال : لا يوضع دينار على دينار و لا درهم على درهم و لكن يوسع جلدة حتى يوضع كل دينار و درهم على حدته فإن قيل : لم خص الجباه و الجنوب و الظهور بالكي ؟ قيل : لأن الغني البخيل إذا رأى الفقير عبس وجهه و زوى ما بين عينيه و أعرض بجنبه فإذا قرب منه ولي بظهره فعوقب بكي هذه الأعضاء ليكون الجزاء من جنس العمل و قال صلى الله عليه و سلم : [ خمس بخمس قالوا : يا رسول الله و ما خمس بخمس ؟ قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم و ما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر و ما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت و لا طففوا المكيال و الميزان إلا منعوا النبات و أخذوا بالسنين و لا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ] موعظة : قل للذين شغلهم في الدنيا غرورهم إنما في غد ثبورهم ما نفعهم ما جمعوا إذا جاء محذورهم يوم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم فكيف غابت عن قلوبهم و عقولهم يوم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم أخذ المال إلى دار ضرب العقاب فجعل في بودقة ليحمي ليقوي العذاب فصفح صفائح كي يعم الكي الإهاب ثم جيء بمن عن الهدى قد غاب يسعى إلى مكان لا مع قوم يسعى نورهم ثم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم إذا لقيهم الفقير لقي الأذى فإن طلب منهم شيئا طار منهم لهب الغضب كالجذ ا فإن لطفوا به قالوا أعنتكم ذا و سؤال هذا لذا و لو شاء ربك لأغنى المحتاج و أعوز ذا و نسوا حكمة الخالق في غنى ذا و فقر ذا واعجبا كم يلقاهم من غم إذا ضمتهم قبورهم يوم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم سيأخذها الوارث منهم غير تعب و يسأل عنها الجامع من أين اكتسب ما اكتسب ألا إن الشوك له و للوارث الرطب أين حرص الجامعين أين عقولهم يوم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم لو رأيتهم في طبقات النار يتقلبون على جمرات الدرهم و الدينار و قد غلت اليمين مع اليسار لما بخلوا مع الإيسار لو رأيتهم في الجحيم يسقون من الحميم و قد ضج صبورهم يوم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم كم كانوا يوعظون في الدنيا و ما فيهم من يسمع كم خوفوا من عقاب الله و ما فيهم من يفزع كم أنبئوا بمنع الزكاة و ما فيهم من يدفع فكأنهم بالأموال و قد انقلبت شجاعا أقرع فما هي عصا موسى و لا طورهم يوم يحمي عليها في نار جنهم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم ) حكاية ( : روي عن محمد بن يوسف الفريابي قال : خرجت أنا و جماعة من أصحابي في زيارة أبي سنان رحمه الله فلما دخلنا عليه و جلسنا عنده قال : قوموا بنا نزور جارا لنا مات أخوه و نعزيه فيه فقمنا معه و دخلنا على ذلك الرجل فوجدناه كثير البكاء و الجزع على أخيه فجلسنا نسليه و نعزيه و هو لا يقبل تسلية و لا تعزية فقلنا : أما تعلم أن الموت سبيل لا بد منه ! قال : بلى و لكن أبكي على ما أصبح و أمسى فيه أخي من العذاب فقلنا له : هل أطلعك الله على الغيب ؟ قال : لا و لكن لما دفنته و سويت التراب عليه و انصرف الناس جلست عند قبره إذ صوت من قبره يقول : آه أقعدوني وحيدا أقاسي العذاب قد كنت أصلي قد كنت أصوم قال : فأبكاني كلامه فنبشت عنه التراب لأنظر حاله و إذا القبر يشتعل عليه نارا و في عنقه طوق من نار فحملتني شفقة الأخوة و مددت يدي لأرفع الطوق عن رقبته فاحترقت أصابعي و يدي ثم أخرج إلينا يده فإذا هي سوداء محترقة قال فرددت عليه التراب و انصرفت فكيف لا أبكي على حاله و أحزن عليه ؟ فقلنا : فما كان أخوك يعمل في الدنيا ؟ قال : كان لا يؤدي الزكاة من ماله قال فقلنا هذا تصديق قول الله تعالى : { و لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } و أخوك عجل له العذاب في قبره إلى يوم القيامة قال : ثم خرجنا من عنده و أتينا أبا ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم و ذكرنا له قصة الرجل و قلنا له : يموت اليهودي و النصراني و لا نرى فيهم ذلك ! فقال : أولئك لا شك أنهم في النار و إنما يريكم الله في أهل الإيمان لتعتبروا قال الله تعالى : { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد } فنسأل الله العفو و العافية إنه جواد كريم
Tags:
الكبائر