الكبيرة الرابعة و العشرون : قطع الطريق
قال الله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم } قال الواحدي رحمه الله : معنى يحاربون الله و رسوله يعصونهما و لا يطيعونهما كل من عصاك فهو محارب لك و يسعون في الأرض فسادا أي بالقتل و السرقة و أخذ الأموال و كل من أخذ السلاح على المؤمنين فهو محارب الله و رسوله و هذا قول مالك و الأوزاعي و الشافعي قوله تعالى : { أن يقتلوا } إلى قوله { أو ينفوا من الأرض } قال الوالبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أو أدخلت للتخير و معناها الإباحة إن شاء الإمام قتل و إن شاء صلب و إن شاء نفى و هذا قول الحسن و سعيد بن المسيب و مجاهد و قال في رواية عطية أو ليست للإباحة إنما هي مرتبة للحكم باختلاف الجنايات فمن قتل و أخذ المال قتل و صلب و من أخذ المال و لم يقتل قطع و من سفك الدماء و كف عن الأموال قتل و من أخاف السبيل و لم يقتل نفي من الأرض و هذا مذهب الشافعي رضي الله عنه و قال الشافعي أيضا : يحد كل واحد بقدر فعله فمن وجب عليه القتل و الصلب قتل قبل صلبه كراهية تعذيبه و يصلب ثلاثا ثم ينزل و من وجب عليه القتل دون الصلب قتل و دفع إلى أهله يدفنونه و من وجب عليه القطع دون القتل قطعت يده اليمنى ثم حسمت فإن عاد و سرق ثانية قطعت رجله اليسرى فإن عاد و سرق قطعت يده اليسرى لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال في السارق : [ إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ] و لأنه فعل أبو بكر و عمر رضي الله عنهما و لا مخالف لهما من الصحابة و وجه كونها اليسرى اتفاق من صار إلى قطع الرجل بعد اليد على أنها اليسرى و ذلك معنى قوله تعالى { من خلاف } و قوله تعالى : { أو ينفوا من الأرض } قال ابن عباس : هو أن يهدر الإمام دمه فيقول من لقيه فليقتله هذا فيمن يقدر عليه فأما من قبض عليه فنفيه من الأرض الحبس و السجن لأنه إذا حبس و منع من التقلب في البلاد فقد نفي منها أنشد ابن قتيبة لبعض المسجونين سعرا : ) خرجنا من الدنيا و نحن من أهلها ... فلسنا من الأحياء فيها و لا الموتى ( ) إذا جاءنا السجان يوما لحاجة ... عجبنا و قلنا جاء هذا من الدنيا ( قال : فبمجرد قطع الطريق و إخافة السبيل قد ارتكب الكبيرة فكيف إذا أخذ المال أو جرح أو قتل ؟ فقد فعل عدة كبائر مع ما غالبهم عليه من ترك الصلاة و إنفاق ما يأخذونه في الخمر و الزنا و اللواطة و غير ذلك نسأل الله العافية من كل بلاء و محنة إنه جواد كريم غفور رحيم
Tags:
الكبائر