ما قبل ادم عليه السلام – بداية الخلق
بداية الأمر كله: الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، أوّل بلا بداية، ولكن أين كان الله؟
جاء في الحديث عن أَبِي رَزِينٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ، فَإِذَا سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ أَعْجَبَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ، مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ».
اول مخلوقات الله
العرشُ أول شيءٍ خلقه الله سبحانه وتعالى، خلقه على الماء، ثم خلق القلم، فعن عبادةُ بنُ الصَّامِتِ رضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: «إنَّ أوَّلَ ما خَلَقَ اللهُ القَلَمُ -وهو أداةُ الكتابةِ للمَقاديرِ الَّتي يأمُرُه اللهُ بِها – فقال له:
اكْتُبْ، قال: ربِّ وماذا أَكْتُبُ؟ قال: اكْتُبْ مَقاديرَ كُلِّ شيءٍ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ، وخلق له اللوح المحفوظ، فكتب ما هو كائن إلى قيام الساعة، وكتب مقادير الخلائق، ثم خلق الملائكة والسماوات والأرض، ثم خلق بقية المخلوقات».
خلق الجن
خلق الله الجن وأسكنهم الأرض، ولك أن تعرف أخي القارئ أنّ الفرق بين الملائكة والجن هو: أنّ الملائكة مخلوقات لا تعصي الله ما أمرها وليس لهم حرية الاختيار، أما الجن فهم مكلّفون ولهم حرّية الاختيار.
ومن أعظم الجن إبليس ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾، كان مطيعًا لله، فأكرمه الله ورفعه إلى السماء، أما الجنّ فسكنوا على الأرض وأفسدوها وسفكوا الدماء بينهم، فأراد الله إنهاء الفساد؛ فأنزل الملائكة فطردوهم إلى جزر البحار، وهذا موطنهم الآن كما تشير الروايات وبقيت الأرض في سلام، وهذه البداية مهمة لأنها ستفسر كثيراً من آيات القرآن الكريم.
خلق ادم عليه السلام
الهدف من خلق آدم نقرأه جليًا في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ فعبادة الله هي الهدف الأسمى من خلق البشر
لماذا خلق الله البشر؟
ربما يسأل سائل: ما الفائدة المرجوة من عبادتنا لله؟! والله سبحانه وتعالى لا يحتاجنا ولا يحتاج عبادتنا، إذًا ما المقصود من عبادتنا؟
والجواب: إنَّ الله عز وجل يحبّ أنْ تظهر أسماؤه الحسنى، يحبّ أنْ يظهر كرمه ورحمته، جبروته وقوته وحلمه، وكيف تظهر أسماء الله الحسنى دون مخلوقات؟ فخلق الخلق لتظهر أسماؤه.
كم عدد أبناء آدم وحواء في الكتاب المقدس
في الكتاب المقدس، يُذكر بوضوح اسماء ثلاثة من أبناء آدم وحواء: قابيل، وهابيل، وشيث. ومع ذلك، يُشير الكتاب المقدس أيضًا إلى أن لديهم “أبناء وبنات” آخرين، لكن لا يُذكر عددهم أو أسماؤهم بالتحديد.
تاريخ البشرية منذ خلق آدم
تاريخ البشرية منذ خلق آدم يختلف بين المفسرين والعلماء، ولكن هناك نقاط أساسية يمكن الإشارة إليها:
من وجهة نظر دينية: يُعتبر آدم عليه السلام أول إنسان وأبو البشرية في التقاليد الدينية الإبراهيمية. يشير القرآن والكتاب المقدس إلى خلق آدم وحواء وهبوطهما إلى الأرض، وتُعتبر هذه الفترة بداية الحضارة الإنسانية من وجهة نظر دينية.
من وجهة نظر علمية: الدراسات العلمية تشير إلى أن تاريخ البشرية يعود إلى مئات الآلاف من السنين، حيث تحور الجنس البشراني إلى أنواع جديدة من الإنسان البدائي، مثل إنسان نياندرتال ودينيسوفان .
الجدل العلمي والديني: هناك تفاوت بين التفسيرات الدينية والنظريات العلمية حول بدايات البشرية، حيث تبحث الأخيرة في تتابع الحوادث التي أدت إلى نشوء وتطور الكائن البشري منذ بداية الخليقة حتى يومنا هذا
سجود الملائكة لآدم عليه السلام
أخبر الله ملائكته بإرادته أنه يريد أنْ يجعل خليفة في الأرض، ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ فكان جواب الملائكة ﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، يا رب تريد أن تخلق من يفسد كما فعلت الجن سابقًا؟
والسؤال الآن: هل هذا اعتراض من الملائكة على إرادة رب العالمين؟
والجواب: حاشاهم أن يعترضوا على أمره سبحانه وتعالى، ولكنهم سألوا الله لسببين:
أنهم عاينوا سابقًا ما فعل الجن في الأرض من الإفساد العظيم.
خوفهم من قبيل الاستفهام حول تقديسهم لله، هل قصروا في التسبيح والتحميد فأراد الله استبدالهم؟ فأجابهم الله بقوله ﴿أعلم مالا تعلمون﴾ سيكون هذا المخلوق مختلف عن الجن، أما عن تقديسكم لي وتسبيحكم فأعرفه، لكني أخلق لهدف آخر.
ثم إن الله عزوجل قال للملائكة ولإبليس سأنفخ فيه الروح ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ﴾، طبعًا كان الأمر للملائكة وأيضًا أمرٌ مخصوص لإبليس بالسجود عند نفخ الروح ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾.
فأصبح الملائكة يتهامسون فيما بينهم: (فليخلق الله ما أراد أن يخلق، فلن يخلق خلقًا إلا كنا أكرم عند الله منهم وأعلم).
كيف خلق الله آدم عليه السلام
لما أراد الله خلق آدم أرسل الملائكة إلى الأرض، فقبضوا قبضة من كل أرجاء الأرض، كما في الحديث: «إنَّ اللَّهَ خلقَ آدمَ مِن قبضةٍ قبضَها مِن جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنو آدمَ على قدرِ الأرضِ، فجاءَ منُهمُ الأحمرُ والأبيضُ والأسودُ وبينَ ذلِك والسَّهلُ والحَزْنُ والخبيثُ والطِّيبُ».
من أجل هذا كان التنوع في ألوان البشر والاختلاف في طبائعهم، فكما أنّ الأرض فيها الطيب وفيها الخبيث، فيها السهل وفيها الصعب، كذلك البشر فيهم الطيب وفيهم الخبيث، منهم السهل ومنهم الصعب، منهم الكريم ومنهم اللئيم، بحسب اختلاف طبيعة الأرض التي خلقوا منها.
ابتدأ تشريف البشر بخلق الله آدم بيده، يقول الله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾، فكرم اللهُ الإنسان ورفع منزلته وقدره، وفيه لطيفة: (بأنك يا ابن آدم مخلوق بيدي، فأكرم نفسك باتباع أوامري)، وخلفه على أحسن صورة:
بدأ من تراب، بُلِّل فأصبح طينًا، ثم بُلِّل فأصبح طينًا لازباً متلاصق، ثم تُرِك هذا الطين حتى جفّ فصار صلصال، ثم ترك فترة طويلة ما يقارب 40 يوم كما يقول ابن عباس رضي الله عنه، ثم نفخت فيه الروح.
طول آدم عليه السلام
جعل الملائكة ينظرون إلى هذا التمثال العجيب، وكان كبيرًا (60) ذراعًا في السماء، والذراع: هو نصف متر تقريبًا يعني ثلاثون مترًا.
تعجبت الملائكة من هذا المخلوق العجيب، فهم لم يرو مثله من قبل، وكان ممن فزع منه، بل كان شديد الفزع إبليس، فأخذ يطوف حول تمثال آدم ويرفسه برجله ويضربه، ويقول: (لأمر ما خُلقت)، ثم دخل في جوفه وخرج منه وقال للملائكة: لا تخافوا هذا أجوف، دخل من فمه وخرج من دبره وقال: هذا أجوف، هذا خلق لا يتماسك ضعيف.
عمر آدم عليه السلام
هناك تباين في المصادر الإسلامية حول عمر آدم عليه السلام عند وفاته، ولكن الرأي الغالب هو أنه عاش لفترة طويلة جداً:
ألف عام: يذكر بعض المصادر أن عمر آدم عليه السلام كان ألف عام. ويُقال أيضاً إن الله زاد في عمره أربعين عامًا بناءً على طلبه
أقل من ألف عام: تشير بعض المصادر الأخرى إلى أن عمر آدم عليه السلام كان أقل من ألف عام، حيث تتراوح التقديرات بين 930 إلى 960 عاماً
يُظهر هذا التباين في التقديرات تنوع الروايات والتفسيرات حول تفاصيل حياة الأنبياء في التراث الإسلامي.
بداية الصراع بين إبليس والبشر
أول خطيئة من إبليس
كان إبليس يرى نفسه من أفضل المخلوقات؛ لأنه أعطي حرية الاختيار فأطاع الله، فكيف يخلق الله خلقًا ويعطيه حرية الاختيار، وقد يكون أفضل منه، وقد يكون هذا المخلوق هو الحاكم عليه فاغتاظ منه.
فالله خلقه بيديه ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾، ويريد أن يجعله خليفة في الأرض ويعمرها، وقال للملائكة قولة تدل على حسده لآدم على مكانته: (لئن سلطت عليه لأهلكنه، ولئن سلط علي لأعصينه)، إذًا بدأت عداوة إبليس لآدم قبل نفخ الروح، حسداً لمكانة آدم العظيمة.
سجود الملائكة لآدم عليه السلام – السجود العظيم
هو من أعظم مشاهد الخلق منذ خلق آدم إلى قيام الساعة، بلايين البلايين من الملائكة، تسجد لآدم سجود تكريم، وكان هذا السجود جائز في الشرائع السابقة، كما في قصة يوسف عليه السلام لكن في ديننا حتى سجود التكريم لا يجوز.
لك أن تتخيل عزيزي القارئ هذا المشهد: الملائكة الكرام يسجدون لآدم عليه السلام ولم يبق واقفاً إلا إبليس هو الوحيد الذي عصى، أول معصية للخلق من إبليس.
فناداه الله عز وجل ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾، فردّ برد قبيح ﴿قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾، تكبر وهذه أول المعاصي.
تكبّر إبليس ورفض أوامر الله عز وجل، وناقش وجادل فغضب الله عليه غضبًا عظيمًا فأنزل عليه اللعنة، وأمره أن يخرج من الجنة (فاخرج منها مذؤوما مدحورا) فطلب طلباً نقرؤه في قول الله عز وجل:
﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾.
وطرد إبليس من الجنة، وبقي آدم في الجنة يتنعم في ثمارها، يلبس من أحلى ثيابها، ما كان عرياناً كما يصوره بعض البشر اليوم، وهذا نقض لنظرية التطور.
قصة خروج ادم من الجنة
تعليم آدم الأسماء
علم الله آدم علم كل شيء: علم كل الأسماء ( هذا جبل، هذا طير، هذا ماء)، كل اللغات أصلها أسماء، ثم تأتي الأفعال والحروف، الطفل عندما نعلمه نبدأ بتعليمه الأسماء، ثم نتدرج في تعليمه، ربما يكون أحدنا جالسًا ينظر إلى التلفاز فيعرض عليه شيء لا يعرف ما هو ويسأل عنه، لا يوجد إنسان أو عالم يعرف كل شيء.
لكن سيدنا آدم عرف كل الأسماء، ثم عرض الله هذه المخلوقات الطيور والجبال، وعرضهم على الملائكة ثم قال: ﴿أنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، لم تعرف الملائكة جواب أي شيء ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ماذا أراد الله من هذا الموقف؟
هو رد من الله سبحانه وتعالى على كلمتهم (لن يخلق الله خلقًا، إلا كنا أكرم منه وأعلم)، فبين لهم عمليًا بأن آدم أكرم منهم، فجعلهم يسجدون له وبين لهم عمليًا أن آدم أعلم منهم، بأنهم لا يعرفون أسماء كل شيء وآدم يعرف.
لماذا ذكرت هذه القصة في القرآن؟
لأن في زماننا يدرسوننا أن الانسان بدأ لا يفهم شيئًا، ولا يعرف شيئًا، ونزل عاريًا، ثم بدأ يتعلم قليلًا قليلًا، وبدأ يرتدي الملابس، لكن الحقيقة أنّ آدم عليه السلام نزل عالمًا، يعرف كل شيء، فلم تبدأ البشرية في جهل، ولم تبدأ عارية، بالعكس ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
كيف خلق الله حواء؟
خلق الله حوّاء من ضلع آدم ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾، والقصة في الحديث: «أنًّ آدم كان نائماً، فأخذ الله سبحانه وتعالى ضلعًا من جنبه الأيسر، فخلق منه حواء، فلما استيقظ آدم من النوم فإذا بهذا المخلوق العجيب الجميل قربه، فقال: ما أنت؟ فقالت: امرأة، فقال: لم خلقتي؟ قالت: لتسكن إلي، وذلك أن آدم أصيب بالضجر والوحدة.
خلق الله له حواء لتبدأ البشرية هذه العلاقة، عاطفة السكن والمودة بين الرجل والمرأة، هذه العلاقة الطاهرة بدأت هناك في الجنة، لما رأى الملائكة هذا المخلوق الجديد، توجهوا لآدم يختبروه قالوا: يا آدم ما هذه؟ قال: امرأة، قالوا: ما اسمها؟، فأوحى الله له باسمها فقال: حوّاء، قالوا: لم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت منْ حَيّ.
آدم وحواء في الجنة
عاش آدم وحواء في الجنة في سعادة عظيمة، عاشوا سنين في الجنة، يأنسان ببعضهما، وكانا يعيشان بطعام وشراب وبركة من الله عز وجل، وكانا كاسيين، ما كانا عاريين، أما إبليس: فكان يحاول كل هذه المدة أن يدخل إلى الجنة، ليوسوس لهما فما وجد طريقًا.
يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا* إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ* فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى* إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾.
الأمر الإلهي بالنهي عن الأكل من الشجرة
﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، عش في الجنة سعيدًا، عش في رغد، كل كما تشاء أشرب كما تشاء، إلبس كما تشاء، إلا هذه الشجرة لا تلمسها!!
ودخل الشيطان ليوسوس، وبدأ يتحدث مع آدم وحواء ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾.
أول قسم بالله زورا وبهتانا
بقي إبليس يوسوس ويوسوس لهما ولا يطيعانه، حتى أقسم بالله لهما أنه ناصح، بالطبع لم يكونا يتخيلان أن هناك مخلوق يظهر باسم الدين، ويقسم بالله ويخدع الناس، فأخذت حواء من ثمار هذه الشجرة، فأكلت فلم يحدث شيء، فأعطت لآدم فرفض، فأغرته وما زالت تغريه حتى أكل، فلما أكلا منها حدث شيء غريب؟
تساقطت الثياب ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾، لأول مرة تكشف العورات، فاستحييا.
خلق الحياء من أخلاق أهل الجنة
أهم صفة من صفات الإنسان هو الحياء، أما الرجل والمرأة الذين يتعريان أمام الآخرين فقد فقدو حيائهم، التعري ليس من طبيعة البشر، بل من فطرة الإنسان الحياء.
ما رضي آدم وحواء من شدة حيائهما أن يمشيا عاريين ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ ٌ﴾، وهرب آدم لا يعرف إلى أين؟ فناداه ربه يا آدم: أتفر مني؟ فرد آدم بقولة عجيبة قال: (لا يا رب ولكن استحياءً منك أن تراني عاصيًا عاريًا).
انظروا الفرق إلى ما بعد معصية آدم وإبليس في التعامل مع الله، إبليس لما عصى الله ما اعتذر، وإنما أصر ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ فرد برد قبيح ﴿قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾، أما آدم عليه السلام لما سأله الله عز وجل أتفر مني؟ قال: لا يا رب، إنما حياء منك.
ثم إنّ الله عز وجل عاتب آدم وحواء {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، شجرة واحدة لم تصبرا عليها أي طمع عند البشر تأتيه الأموال والأموال والأموال ومع هذا يسرق ويغش ويطلب المزيد، أقنع بما أعطاك الله عز وجل، ماذا كان رد آدم وحواء ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
عقوبة آدم وحواء بعد الأكل من الشجرة
﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، أُنزِلوا من الجنة الى الأرض، لكن أين نزل آدم وأين نزلت حواء؟
أصح الروايات تشير إلى أن: حواء نزلت في جدة، ونزل آدم في الهند، فبدأ يبحث عنها، وفي رواية أنهما تلاقيا في عرفات فسمي عرفات، وبدأت حياة جديدة للبشر، بعد أن كانوا في النعيم لا تعب ولا عمل، نزلوا إلى الأرض حيث الجهد والشقاء.
وأعطاه الله سبحانه وتعالى الأدوات، أعطاه العلم أهم الأدوات، فتعلم كل الصناعات الأساسية النجارة والحدادة وغيرها، وليس الأمر كما يقال الآن في زمننا أنهم نزلوا لا يفهمون شيء.
كُمْ مرة ذكر آدم في القرآن
اسم آدم عليه السلام ورد في القرآن الكريم 25 مرة. وقد وردت هذه الإشارات في عدة سور، منها سورة الأعراف التي ذكرت اسمه 7 مرات، ما يجعلها السورة الأكثر تركيزًا على ذكر آدم عليه السلام.
وفاة آدم عليه السلام
لما شعر آدم باقتراب منيته، طلب أن يؤتى له بشيء من فواكه الجنة، طبعاً فواكه الأرض التي تشبه فواكه الجنة، فخرج أولاده يطلبون هذه الفاكهة لأنها ليست عندهم، وإذا بهم بمجموعة من الشباب وجوههم جميلة، يحملون معهم أدوات حفر، فسألو أبناء آدم: إلى أين؟
قالوا: نبحث لأبينا عن فاكهة الجنة فقد اشتهاها، قالوا: أرجعوا إلى أبيكم فإن الأمر أعجل من ذلك، فرجعوا معهم.
فلما رأتهم حواء عرفتهم، هي تعرف الملائكة، لأنها عاشت معهم في الجنة، وتعرف قدرة الملائكة على التشكل بأجساد البشر على هذه الصورة الجميلة، فعرفت أنهم ملائكة الموت.
جاؤوا ليقبضوا روح آدم عليه السلام، فتشبثت بآدم من محبتها له، وخافت عليه، فقال لها: دعيني وملائكة ربي، وجاء ملك الموت فقبض روح آدم عليه السلام، وجاءت الملائكة كفنته وحنطته بالطيب، وحفرت له قبرا ودفنته.
أول استخلاف في الأرض
قبل أن يموت آدم عليه السلام أوكل قيادة البشرية إلى ابنه العظيم نبي الله “شيث“، وفي الحديث عن النبي ﷺ: «أن الله أنزل (104) صحف سماوية، منها خمسون صحيفة على شيث»، لماذا هذا العدد الكبير من الصحف نزل على “شيث“؟
لأن البشرية كانت في بداياتها، وكانت بحاجة لمعرفة الحق والباطل، والخير والشر، وتولى شيث قيادة البشر وتلقى من آدم ما استطاع من علم، وظلت البشرية على التوحيد، وبقي هذا الصراع بين الحق والباطل.
Tags:
قصص دينية