حزب الشكوى

حزب الشكوى

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم الحمْدُ للهِ ربِّ العالمين حَمداً كثيراً مُبَارَكاً كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرْضَى. السَّــلام عَــليْـكَ أيُّـهَا النَّبِيُّ وَرَحْــمَةُ الله وبَرَكاتُه، اللهم صَـلِّ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كما صَـلَّيْتَ على سيِّـدنا إبراهيم، وبَـارِكْ على سيِّـدنا مُحَمَّدٍ وعلى آلِ سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كما باركْتَ على سيِّدِنَا إبراهيم وعلى آلِ سيِّدِنَا إبراهيم إنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ. ربَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنت السَّمِيعُ العَلِيمُ. اللهم إنِّي أشكُو إليكَ ضَعْفَ قُوَّتي وقِلَّةَ حِيلَتي وهَوَانيِ على المخْلُوقينَ، أنْتَ ربُّ المُسْتَضْعَفينَ وأنْتَ ربِّي، إلى مَنْ تَـكِلُنِي، إلى عَـدُوٍّ بَـعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي أو إلى صَـدِيقٍ قريبٍ مَلَّكْـتَهُ أمْري، إن لمْ يَكُنْ لَكَ عَليَّ غَضَبٌ فلا أُبالي ولكِنْ عَافِيَتُكَ أوْسَعُ لي. أعوذُ بنُورِ وَجْهِكَ الذي أَشْرَقَتْ بهِ الظُّلُمات، وصَلُحَ عَليْهِ أمْـرُ الدُّنيا والآخِرَة مِنْ أن يَنْزِلَ بي غَضَبُكَ أوْ يَحِلَّ عليَّ سَخَطُكْ، لك العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى. ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بِك. ربِّ أشكُو إليكَ تَلَوُّنَ أحْوَالي، وتَوَقُّفَ سُؤالي يا مَـنْ تَعَلَّقَتْ بلُطْفِ كَرَمِهِ عَوَائِدُ آمالي، يا مَنْ لا يَخْفَى عَليهِ خَـفاءُ حَالي، يا مَـنْ يَعْلَمُ عَاقِبَةَ أمْرِي ومَآلي، رَبِّ إنَّ نَاصِيَتي بيَدِكَ، وأمُوري كُلَّها تَرْجعُ إليكَ، وأحْوَالي لا تَخْفَى عَليْكَ، وآلامي وأحْزاني وهُمُومي مَعْلُومَةٌ لديْكَ قد جَلَّ مُصَابي وعَظُمَ اكْتِئَابي وانصَرَمَ شَبَابي وتكدَّرَ عَليَّ صَفو شَرابي واجْتَمَعَتْ عَليَّ هُمُومِي وأَوْصَابي وتَأَخَّرَ عَنِّي تَعْجيلُ مَطْلَبي وتَنْجِيزُ أعْــتَابِي، يا مَنْ إليهِ مَرْجِعِي ومَآبِي، يا مَنْ يَسمَعُ سِرِّي وعَلانِيَةَ خِطَابي، ويَعْلَمُ مَا عِلَّةُ أَلَمِي وحَقِيقَةُ مَا بِي، قد عَجزَتْ قُدْرَتي وَقَلَّتْ حِيلَتي وضَعُفَتْ قُوَّتي ونامت فِكرَتي واشْتَكَتْ قَضِيَّتي واتَّسَعَت قِصَّتي وسَاءَتْ حَالَتي وبَعُدَتْ أُمْنِيَّتي وعَظُمَتْ حَسْرَتي وتَصَاعَدَتْ زَفْرَتي وفَضَحَ مَكْـنُونَ سِرِّي إسْبَالُ دَمْعَتي، وأنْتَ مَلْجَـئِي وَوَسيلَتي، وإليْكَ أرْفَعُ بَثِّي وحُزْنِي وشِكَايتي وأرْجُوكَ لدَفْعِ عِلَّتي، يا مَنْ يَعْلَمُ سِرِّي وعَلاَنِيَتِي. اللهم بَابُكَ مفْتُوحٌ للسَّائِلِ، وفَضْلُكَ مَبْذُولٌ للنَّائِلِ، وإليْكَ مُنْتَهى الشَّكْوَى وغَايَةُ الوَسَائِلِ. اللهم ارْحَم دَمْعِيَ السَّائِلَ، وجِسْمِيَ النَّاحِلَ، وحَالِيَ الحَائِلَ، وسِنَادِيَ المائِلَ، يا مَنْ إليه تُرْفَعُ الشكوَى، يا عَالِمَ السِّرِّ والنَجْوَى، يا مَنْ يَسْمَعُ ويَرَى، وهُوَ بالمنْظَرِ الأعْلَى، يا ربَّ الأرضِ والسَّما، يا مَنْ لَهُ الأسْماءُ الحُسْنَى، يا صَاحِبَ الدَّوامِ والبَقَا، ربِّ عَبْدُكَ قَدْ ضَاقَتْ بِهِ الأسْبَابُ، وغُلِّقَتْ دُونَهُ الأبْوَابُ، وتَعَذَّرَ عَلَيْهِ سُلُوكُ طريقِ الصَّوَابِ، ودَارَ بِهِ الهَمُّ والغَمُّ والاكْتِئَاب، وقَضَى عُمرَه ولمْ يُفْتَحْ لهُ إلى فسِيحِ تِلْكَ الحَضَراتِ ومَنَاهِلِ الصَّفْوِ والرَّاحَاتِ بَاب، وتَصَرَّمَتْ أيامُهُ والنَّفْسُ راتِعَةٌ في مَيَادِينِ الغَفْلَةِ ودَنِيِّ الاكتِسَاب، وأنْتَ المرْجُوُّ لكَشْفِ هذا المُصَاب، يا مَنْ إذَا دُعِيَ أجَابَ، يا سَريعَ الحِسَابِ، يا ربَّ الأربابِ، يا عَظيمَ الجَنابِ. ربِّ لا تَحْجُبْ دَعْوَتي، ولا تَرُدَّ مَسْأَلَتي، ولا تَدَعْني بحَسْرَتي، ولا تَكِلْنِي إلى حَوْلي وقُوَّتي، وارْحَمْ عَجْزِي وفَاقَتي، فَقَدْ ضَاقَ صَدْري، وتَاهَ فِكْرِي، وقد تَحيَّرْتُ في أمْرِي، وأنْتَ العَالِمُ بسِرِّي وجَهْرِي، المالِكُ لِنَفْعِي وضَرِّي، القادِرُ على تَفْريجِ كَرْبي وتَيْسيرِ عُسْرِي. ربِّ ارْحَمْ مَنْ عَظُمَ مَرَضُه، وعَزَّ شِفَاؤُه، وكَثُرَ دَاؤُه وقَلَّ دَوَاؤُه، وأنْتَ مَلْجَأُه ورَجَاؤُه وعَوْنُه وشِفَاؤُه، يا مَنْ غَمَرَ العِبَادَ فضلُه وعطاؤُه، وَوَسِعَ البريَّةَ جُودُه ونَعْمَاؤُه، هَا أنَا ذَا عَبْدُك مُحْتَاجٌ إلى ما عِنْدَكَ، فقيرٌ ينْتَظِرُ جُودَكَ ونِعَمَكَ ورِفْدَكَ، مُذْنِبٌ يسْألُ مِنْكَ الغُفْرانَ، جَانٍ خَائِفٌ يطْلُبُ مِنْكَ الصَّفْحَ والأَمان، مُسيءٌ عَاصٍ فعَسَى تَوْبَةٌ تَجْلُو بأنْوارِهَا ظُلُماتِ الإسَاءَةِ والعِصْيان، سَائِلٌ باسِطٌ يَدَ الفَاقَةِ الكُلِّيَّةِ يَسْأَلُ مِنْكَ الجُودَ والإحْسَان، مَسْجُونٌ مُقَيَّدٌ فعَسَى يُفَكُّ قَيْدُهُ ويُطْلَقُ مِنْ سِجْنِ حجَابِهِ إلى فَسيحِ حَضَرَاتِ الشُّهُودِ والعَيَان، جَائِعٌ عارٍ فعَسَى يُطعَمُ مِنْ ثمَراتِ التَّقْريبِ ويُكْسَى مِنْ حُلَلِ الإيمان، ظمآنُ ظمآنُ ظمآنُ، تَتَأجَّجُ في أحْشَائِهِ لَهِيبُ النِّيرَان، فعَسَى يَبْرُدُ عَنْهُ نَارُ الكرْبِ ويُسْقَى مِنْ شَرابِ الحُبِّ ويَكْرَعُ مِنْ كَاسَاتِ القُرْبِ ويَذْهَبُ عَنْهُ البُؤْسُ والآلامُ والأحْزَانُ، ويَنْعَمُ بَعْدَ بُؤْسِهِ وأَلَمِهِ ويُشْفَى مِنْ بَعْدِ مَرَضِهِ وسُقمِه حتى يزولَ عنه جميعُ ما كان، نَاءٍ غرِيبٌ مُصَابٌ قَدْ بَعُدَ عَنِ الأهْلِ والأوْطان، فعَسَى أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ صَدَأُ القَلْبِ والشَّقَا، ويَعُودَ لهُ القُرْبُ واللِّقَا، ويَبْدُوَ لَهُ سَلْعٌ والنَّقَا، ويَلُوحَ لَهُ الأَثْلُ والبَانُ، ويَنَالَهُ اللُّطْفُ، وتَحِلَّ عَليْهِ الرحْمَةُ والرِّضْوانُ، يا عظيمُ يا منان، يا رحيمُ يا رحمن، يا صاحبَ الجودِ والامتنان، والرحمةِ والغفران. يا ربّ. يا ربّ. يا ربّ. ارْحَمْ مَن ضَاقَتْ عليْه الأكْوَانْ، ولَمْ تُؤْنِسْهُ الثَّقَلان، وقد أصْبَحَ مُولَعاً حَيْران، وأَمْسَى غريبًا ولو كانَ بَيْنَ الأهْلِ والأوْطان، مُزْعَجَاً لا يَأْوِيهِ مَكان، ولا يُلْهِيهِ عَنْ بَثِّهِ وحُزْنِهِ تَغَيُّرُ الأزْمَان، مُسْتَوْحِشٌ لا يُؤْنِسُ قَلْبَهُ إنْسٌ ولا جَانٌّ. يا مَنْ لا يَسْكُنُ قَلْبٌ إلاَّ بقُرْبِهِ وأَنْـوارِه، ولا يَحْيَا عَبْدٌ إلا بلُطْفِهِ وإبراره، ولا يَبْقَى وجُودٌ إلاَّ بإِمْدَادِهِ وإِظْهَارِه، يا مَنْ آنَسَ عِبَادَهُ الأبْرارَ وأولياءَهُ المقرَّبين الأخيَارَ بمُنَاجَاتِهِ وأسْرَارِه. يا مَنْ أمَاتَ وأحْيَا وأقْصَى وأدْنَى وأَسْعَدَ وأَشْقَى وأضَلَّ وهَدَى وأَفْقَرَ وأَغْنَى وعَافَى وأَبْلَى وقَدَّرَ وقَضَى كُلٌّ بعَظِيمِ تَدْبيرِه وسَابِقِ تَقْدِيرِه. ربِّ أيُّ بَابٍ يُقْصَدُ غيرُ بَابِك، وأيُّ جَنَابٍ يُتَوجَّهُ إليْهِ غَيْرُ جَنَابِك، أنْتَ العَليُّ العَظِيمُ الذي لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بكَ. ربِّ لِمَنْ أَقْصِدُ وأنْتَ المقْصُودُ، وإلى مَنْ أتوجَّهُ وأَنْتَ الحَقُّ الموْجُود، ومَنْ ذَا الذي يُعْطِي وأَنْتَ صَاحِبُ الجُودِ، ومَنْ ذَا الذي أسْأَلُه وأنْتَ الربُّ المعْبُود، وهَلْ في الوُجُودِ ربٌّ سِوَاكَ فيُدْعَى، أمْ في المملكَةِ إلــهٌ غَيْرُكَ فيُرْجَى، أمْ هَلْ كريمٌ غَيْرُكَ فيُطْلَبَ مِنْهُ العَطَا، أمْ هَلْ ثَمَّ جَوَادٌ سِوَاكَ فيُسْألَ مِنْهُ الفَضْلُ والنَّعْمَا، أمْ هَلْ حَاكِمٌ غَيْرُكَ فتُرفَعَ له الشكوى، أمْ هَلْ مِنْ مَجَالٍ للعَبْدِ الفَقيرِ يَعْتَمِدُ عليْهِ، أمْ هَلْ سِوَاكَ ربٌّ تُبْسَطُ الأَكُفُّ وتُرْفَعُ الحاجَاتُ إليْه، فليْسَ إلا كَرمُكَ وجُودُكَ يا مَنْ لا مَلْجَأَ مِنْهُ إلا إليْه، يا مَنْ يُجِيرُ ولا يُجَارُ عَليْه، ألْهَمْتَنَا فـعَــرَفْــنَا، أغَـيْـرُكَ هَـاهُـنَا ربٌّ فيـُـرْجَى، أَو جَـوَادٌ فيُــسْأَلَ مِنْهُ العَطَا، قَدْ جَفَاني القَريبُ ومَلَّني الطَّبِيبُ وشَمِتَ بِيَ العَدُوُّ والرَّقِيبُ، واشْتَدَّ بِيَ الكرْبُ والنَّحِيبُ، وأنْتَ الوَدُودُ الرقيب الرَّؤُوفُ المجيب. ربِّ إلى مَنْ أَشْتكي وأنْتَ العليمُ القَادِر، أمْ بِمَنْ أسْتَنْصِرُ وأنْتَ الوَليُّ النَّاصِر، أمْ بمَنْ أسْتَغيثُ وأنْتَ القَويُّ القَاهِر، أمْ إلى مَنْ ألْتَجِئُ وأنْتَ الكريمُ السَّاتِر، أمْ مَنْ ذَا الذي يَجْبُرُ كَسْري وأنْتَ للقُلوبِ جَابِر، أمْ مَنْ ذَا الذي يَغْفِرُ عَظيمَ ذَنْبي وأنْتَ الرَّحيمُ الغَافِر، يا عَليمًا بما في السَّرائر، يا مَنْ هو مُطَّلِعٌ على مَكنونِ الضمائر، يا مَنْ هُوَ فَوْقَ عِبَادِه قَاهِر، يا مَنْ هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ والبَاطِنُ والظَّاهِر، ربِّ دُلَّ حَيْرَةَ هذا العَبْدِ المكابِر، وجُدْ باللُّطْفِ والهِدَايَةِ والتَّوفيقِ والعنايةِ عَلى عَبْدٍ ليْسَ لَهُ مِنْكَ بُدٌّ وهُوَ إليكَ صَائِر، يا إلـهَ العِبَادِ يا صَاحِبَ الجُودِ ويا مُمْرِضي وأنْتَ طبيبي فلِمَنْ أشتكي وأنْتَ عَليمٌ يا إلهي بحالتي، والذي بِي حَقيقٌ عَلَى ألَّا أَشْتكيَ إلا إليْك، ولَا عَـزْمَ لي ألَّا أتَـوَكَّلَ إلا عَـليْـك، يَا مَنْ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُون، يَا مَنْ إِلَيْهِ يَلْجَأُ الخائِفُونَ، يَا مَنْ بِكرمِهِ وجَمِيلِ عَوَائِدِهِ يَتَعَلَّقُ الرَّاجون، يَا مَنْ بسُلْطانِ قَهْرِهِ وعَظيمِ رَحْمَتِهِ يَسْتَغيثُ المُضْطَرُّون، يا مَنْ لِوُسْعِ عَطَائِهِ وجَميلِ فَضْلِهِ ونَعْمائِهِ تُبْسَطُ الأيْدِي ويَسْأَلُ السَّائِلُونَ. ربِّ فاجْعَلْني مِمَّنْ يَتَوَكَّلُ عَليْكَ، وآمِنْ خَوْفي إذَا وَصَلْتُ إليْكَ، ولا تُخيِّب رَجَائي إذَا صِرْتُ بَيْنَ يَديْكَ، واجْعَلْني مِمَّنْ تَسُوقُهُ الضَّرُورَاتُ إليْكَ، وأعْطِني مِنْ فَضْلِكَ العَظيمِ، وجُدْ عَليَّ برِفْدِكَ العَمِيمِ، واجْعَلْني بِكَ ومِنْكَ وإِليكَ، واجْعَلْني دَائماً بَيْنَ يَديْكَ. وارْحَمْ بجُودِكَ عَبْداً مَا لَهُ سَبَبٌ يَرْجُو سِوَاكَ ولَا عِلْمٌ ولَا عَمَلُ يا مَنْ بِهِ ثِقَتي يا مَنْ بِهِ فَرَجي يا مَنْ عَليْهِ ذَوُوا الفَاقَاتِ يتَّكِلُوا أَدْرِكْ بَقِيَّةَ مَنْ ذَابَتْ حَشَاشَتُهُ قَبْل الفَوَاتِ فَقَدْ ضَاقَتْ بِهِ الحِيَلُ يا مُفَرِّجَ الكُرُبَاتِ، يا مُجَلِّيَ العظيماتِ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ، يا غَافِرَ الزَّلَّاتِ، يا سَاتِرَ العَوْراتِ، يا رفيعَ الدَّرَجَاتِ، يا ربَّ الأَرَضِينَ والسَّماواتِ، ربِّ ارْحَمْ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ الحِيَلُ، وتشَابَهَتْ عليه السُّبُلُ، ولمْ يَجِدْ لِقَلْبِهِ قَرَاراً لا عِلْمَ ولا عَمَل، يا مَنْ عليهِ المُتَّكَل، يا مَنْ إذَا شَاءَ فَعَل، يا مَنْ لا يُبْرِمُهُ سُؤَالُ مَنْ سَأَل، ربِّ فأجِبْ دُعَائي واسْمَعْ نِدائي ولا تُخيِّب رَجَائي وعَجِّلْ لي شِفَاءَ دَائي وعَافِني بجُودِكَ ورَحْمتِكَ مِنْ عَظِيمِ بَلائِي يا ربِّ يا مَوْلاَي. ربِّ إِنِّي قَلَّ اصْطِبَارِي وطَالَ انتِظَارِي واشْتَدَّتْ بِي فَاقَتي واضْطِراري وعَظُمَتْ عليَّ هُمُومي وأوْزَارِي وأحْزَاني وأكْدَارِي وتَطَاوَلَ عليَّ سَوَادُ لَيْلِي وبَعُدَ عَنِّي طُلوعُ بَيَاضِ نَهَارِي، وأنْتَ القَادِرُ على دَفعِ إعْصَارِي وذَهَابِ آصَارِي وتَفْرِيجِ كَرْبِي وإصْلاحِ قَــلْبي. ربِّ إني قَدْ لاَحَ لي بارِقٌ مِنْ سَحَائِبِ رَحْمَتِكَ، فَوَقَفْتُ على بَابِ حَضْرَتِكَ، أنْتظِرُ عَوَاطِفَ جُودِكَ ولَطائِفَ رَحْمَتِكَ، وتَعَلَّقَتْ أَطْمَاعِي بعَوَائِدِ إحْسَانِكَ وصَنَائِعِ الفَضْلِ، وانْبَسَطَتْ آمالي في وَاسِعِ كَرَمِكَ وَوَعْدِ رُبُوبِيَّتِك، فَلا تَرُدَّني بِكَرَّةِ الخائِبِ الخَاسِر، ولا تُرْجِعْني بحَسْرَةِ النَّادِمِ الحَاسِر، ولا تَجْعَلْني مِمَّنْ حُجِبَ عَنِ الوُصُولِ وبَقِيَ بَيْنَ الرَّدِّ والقَبُولِ مُتَرَدِّداً حَائِراً، يا مَنْ هُوَ على مَا يشَاءُ قَادِر يا قَويُّ يا عَزِيزُ يا نَاصِر. ربِّ خُذْ بيَدِي وارْحَمْ قِلَّةَ صَبْرِي وضَعْفَ جَلَدِي، رَبِّ إنِّي أشكُو إليكَ بَثِّي وحُزْني وكَمَدِي، يا مَنْ هُوَ غَوْثي ومَلْجَئِي ومَوْلاَيَ وسَنَدِي. رَبِّ فأطْلِقْني مِنْ سجْنِ الحِجَابِ، ومُنَّ عَليَّ بمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلى الأوْلياءِ والأحْبَاب، وطهِّرْ قَلْبي مِنَ الشِّرْكِ والشَّكِّ والارتيابِ، وثبِّتْني أبَدًا قَائِماً في الحَياةِ وعِنْدَ الممَاتِ على السُّنَّةِ والكِتَاب، وَفَـهِّمْنِي وَعَلِّمْني وَذَكِّرْني وَوَفِّقْني واجْعَلْني مِنْ أُولِي الفَهْمِ في الخِطَاب، وكُنْ لِي بلُطْفِكَ وَرَحْمتِكَ وحَنَانِكَ ورأفَتِكَ في مَا بَقِيَ مِنْ عُمرِي وعِنْدَ حُضُورِ أَجَلي ويَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ للحِسَاب، وآمِنْ خَوْفي واجْعَلني مِنَ الطيِّبينَ الطَّاهِرِينَ ومِمَّن يُتَلَقَّى بسَلامٍ إذَا فُتِحَتْ الأبوابْ. ربِّ أنْتَ الذي بقُدْرَتِكَ خَلَقْتَني، وبرَحْمتِكَ هَدَيْتَني وبنِعْمَتِكَ رَبَّيْتَنِي، وبلُطْفِكَ غَذَّيْتَنِي، وبجَمِيلِ سَتْرِكَ سَتَرْتَنِي، وفي أحْسَنِ صُورَةٍ ركَّبْتَنِي، وفي عَوَالِمِ إِبْدَاعِكَ بدَأْتَنِي، وفي خَيْرِ أُمَّةٍ أَخْرَجْتَنِي، وسَبِيلَ النَّجْدَيْنِ أَلْهَمْتَنِي، فأتْمِمْ عَليَّ نِعَمَكَ التي لا تُحْصَى، وكَمِّلْ لدَيَّ أيَادِيَكَ التي لا تُنْسَى، واجْعَلْني مِمَّنْ هَدَى واهْتَدَى، وسَمِعَ ووَعَى، وقَرَّبَ وأَدْنَى، ومِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْكَ الحُسْنَى، وممَّنْ نَال أفْضَلَ مَا يَتَمَنَّى، واجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ القُربِ واللِّقَا، والرتْبَةِ العُليا في دَارِ البَقَا، ولا تَجْعَلني مِمَّنْ ضَلَّ وغوَى، ولا مِمَّنْ قُسِمَ لهُ نصيبٌ مِنَ الشَّقَا، ولا مِمَّنْ اشتَغَلَ بمَا يَفْنَى على ما يبقى، ولا مِن الذين ضَلَّ سعْيُهُم في الحيَاةِ الدُّنْيَا وهُمْ يَحْسَبُونَ أنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَاً. ربَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيءٍ رَحْمَةً وعِلْما، وقد عَلِمْتَ ما كانَ ومَا يكونُ مِنَّا، وتَقَدَّسَ عِلمُكَ الأَعْلى وجَرَى القَلمُ بما شِئْتَ مِنَ القَضَا، فليْسَ لنا إلا ما إليهِ وَفَّقْتَنَا، ولا مَفَرَّ لَنا عَمَّا بِهِ أَرَدْتَنا، فَتَداركْنَا بفَضْلِكَ ورَحْمتِك، وحُفَّنا بعَفْوِكَ ومَغْفِرَتِك. ربِّ فكما وَسِعْتَ كُلَّ ما كانَ في علمِكَ الأعْلى، وأحَطْتَ بما كانَ وما يكونُ مِنِّي وبكُلِّ شَيءٍ حُكْمًا وعِلْما، فجُدْ عليَّ في كلِّ ذَلِكَ برَحْمَتِكَ الواسِعَةِ العُظْمَى، واغْمِسْني في بِحَارِ كَرَمِكَ وعَفْوِكَ وحِلْمِكَ أبَدَاً، يا مَن إذا وَعَدَ وَفَى، يا مَنْ وَسِعَ كلَّ شيءٍ رَحْمَةً وعِلْما. إلهي طَلَبْتُكَ وطَلَبْتُ الخَلْقَ إليْكَ، فأعِنِّي على الوُصُولِ والتَّوْصِيلِ إليْك، واجْمَعْني واجْمَعْ بِي مَنْ تَشَاءُ عَليْك، اللهم إنَّا نَسْألُكَ حُسْــنَ الأدَبِ عِنْدَ إِرْخَاءِ الحِجَابِ برحْمتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحمين. وصَلىَّ اللهُ على سيِّدِنَا محمَّدٍ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ أجْمعين. سُبْحَانَ ربِّكَ ربِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وسَلامٌ على المُرْسَلِينَ والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمين. .



إرسال تعليق

أحدث أقدم