‫الكبيرة السابعة و الثلاثون : الرياء‬

‫الكبيرة السابعة و الثلاثون : الرياء‬
‫قال الله تعالى مخبرا عن المنافقين :‬ ‫{ يراؤون الناس و لا يذكرون الله إلا قليلا } و قال الله تعالى : { فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون *‬ ‫الذين هم يراؤون * و يمنعون الماعون } و قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الأذى‬ ‫كالذي ينفق ماله رئاء الناس } الآية و قال الله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك‬ ‫بعبادة ربه أحدا }‬ ‫أي لا يرائي بعمله و [ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أول الناس‬ ‫يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد في سبيل الله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما فعلت فيها ؟ قال : قاتلت‬ ‫فيك حتى استشهدت قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جريء و قد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى‬ ‫أقي في النار و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟‬ ‫قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جواد فقد‬ ‫قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه‬ ‫فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم و علمته و قرأت فيك القرآن قال : كذبت و لكنك تعلمت‬ ‫ليقال هو عالم و قرأت ليقال هو قارىء ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ] رواه مسلم و قال صلى‬ ‫الله عليه و سلم : [ من سمع سمع الله به ومن يرائي يراءى به ] قال الخطابي معناه من عمل عملا على غير إخلاص‬ ‫إنما يريد أن يراه الناس و يسمعوه جوزي على ذلك بأنه يشهره و يفضحه فيبدو عليه ما كان يبطنه و يسره من‬ ‫ذلك و الله أعلم و قال عليه الصلاة و السلام : [ اليسير من الرياء شرك ] و قال صلى الله عليه و سلم : [‬ ‫أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فقيل : و ما هو يا رسول الله ؟ قال الرياء ] يقول الله تعالى يوم يجازي‬ ‫العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءونهم بأعمالكم فانظروا هل تجدون عندهم جزاء و قيل في قول الله تعالى‬ ‫: { و بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } قيل : كانوا عملوا أعمالا كانوا يرونها في الدنيا حسنات بدت لهم‬ ‫يوم القيامة سيئات و كان بعض السلف إذا قرأ هذه الآية يقول : ويل لأهل الرياء و قيل : إن المرائي ينادى به يوم‬ ‫القيامة بأربعة أسماء : يا مرائي يا غادر يا فاجر يا خاسر اذهب فخذ أجرك ممن عملت له فلا أجر لك عندنا و قال‬ ‫الحسن : المرائي يريد أن يغلب قدر الله فيه هو رجل سوء يريد أن يقول الناس هو صالح فكيف يقولون و قد حل‬ ‫من ربه محل الإردياء ؟ فلا بد من قلوب المؤمنين أن تعرفه و قال قتادة : إذا راءى العبد يقول الله : انظروا إلى‬ ‫عبدي كيف يستهزىء بي و روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظر إلى رجل و هو يطأطى رقبته فقال : يا‬ ‫صاحب الرقبة إرفع رقبتك ليس الخشوع في الرقاب إنما الخشوع في القلوب و قيل : إن أبا أمامة الباهلي رضي الله‬ ‫عنه أتى على رجل في المسجد و هو ساجد يبكي في سجوده و يدعو فقال له أبو أمامة : أنت أنت لو كان هذا في‬ ‫بيتك ! و قال محمد بن مبارك الصوري : أظهر السمت في الليل فإنه أشرف من إظهاره بالنهار لأن السمت بالنهار‬ ‫للمخلوقين و السمت بالليل لرب العالمين و قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه : للمرائي ثلاث علامات :‬ ‫يكسل إذا كان وحده و ينشط إذا كان في الناس و يزيد في العمل إذا أثني عليه و ينقص إذا ذم به و قال الفضيل‬ ‫بن عياض رحمه الله : ترك العمل لأجل الناس رياء و العمل لأجل الناس شرك و الإخلاص أن يعاقبك الله منهما‬ ‫فنسأل الله المعونة و الإخلاص في الأعمال و الأقوال و الحركات و السكنات إنه جواد كريم‬ ‫موعظة : عباد الله ! إن أيامكم قلائل و مواعظكم قواتل فليخبر الأواخر الأوائل و ليستيقظ الغافل قبل سير‬ ‫القوافل يا من يوقن أنه لا شك راحل و ما له زاد و لا رواحل يا من لج في لجة الهوى متى ترتقي إلى الساحل ؟ هل‬ ‫انتبهت من رقاد شامل و حضرت المواعظ بقلب غير غافل و قمت في الليل قيام عاقل و كتبت بالدموع سطور‬ ‫الرسائل تخفي بها زفرات الندم و الوسائل و بعثتها في سفينة دمع سائل لعلها ترسى على الساحل وا أسفاه لمغرور‬ ‫جهول غافل لقد أثقل بعد الكهولة بالذنب الكاهل و قد ضيع البطالة و بذل الجاهل و ركن إلى ركوب الهوى ركبة‬ ‫مائل يبني البنيان و يشيد المعاقل و هو عن ذكر قبره متشاغل و يدعي بعد هذا أنه عاقل تالله لقد سبقه الأبطال إلى‬ ‫أعلى المنازل و هو يؤمل في بطالته فوز العامل و هيهات هيهات ما فاز باطل بطائل :‬ ‫) أيها المعجب فخرا ... بمقاصير البيوت (‬ ‫) إنما الدنيا محل ... لقيام و قنوت (‬ ‫) فغدا تنزل بيتا ... ضيقا بعد النحوت (‬ ‫) بين أقوام سكوت ... ناطقات في الصموت (‬ ‫) فارض في الدنيا بثو ... ب و من العيش بقوت (‬ ‫) و اتخذ بيتا ضعيفا ... مثل بيت بيت العنكبوت (‬ ‫) ثم قل : يا نفس هذا ... بيت مثواك فموتي (‬.

إرسال تعليق

أحدث أقدم