الكبيرة الثلاثون : الكذب في غالب أقواله
قال الله تعالى : { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } و قال الله تعالى : { قتل الخراصون } أي الكاذبون و قال الله تعالى : { إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } و في الصحيحين [ عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الصدق يهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة و ما يزال الرجل يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا و إن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار و ما يزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ] و في الصحيحين أيضا أنه صلى الله عليه و سلم قال : [ آية المنافق ثلاث و إن صلى و صام و زعم أنه مسلم : إذا حدث كذب و إذا وعد أخلف و إذا ائتمن خان ] و قال عليه الصلاة و السلام : [ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا و من كانت فيه خصلة منها كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا ائتمن خان و إذا عاهد غدر و إذا خاصم فجر ] و في صحيح البخاري في حديث منام النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ فأتينا على رجل مضطجع لقفاه و آخر قائم عليه بكلوب من حديد يشرشر شدقه إلى قفاه و عيناه إلى قفاه ثم يذهب إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل في الجانب الأول فما يرجع إليه حتى يصح مثل ما كان فيفعل به كذلك إلى يوم القيامة فقلت لهما : من هذا ؟ فقالا : إنه كان يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق ] و قال صلى الله عليه و سلم : [ يطبع المؤمن على كل شيء ليست الخيانة و الكذب ] و في الحديث : [ إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث ] و قال صلى الله عليه و سلم : [ ثلاثة لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم : شيخ زان و ملك كذاب و عائل مستكبر ] العائل : الفقير و قال صلى الله عليه و سلم : [ ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به الناس فيكذب ويل له ويل له ويل له ] و أعظم من ذلك الحلف كما أخبر الله تعالى عن المنافقين بقوله : { و يقولون على الله الكذب و هم يعلمون } و في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم : رجل على فضل ما يمنعه ابن السبيل و رجل بايع رجلا سلعة فحلف بالله لأخذتها بكذا و كذا فصدقه و أخذها و هو على غير ذلك و رجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها وفى له و إن لم يعطه لم يف له ] و قال صلى الله عليه و سلم [ كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق و أنت له به كاذب ] و في الحديث أيضا : [ من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين و ليس بعاقد ] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ فرى الفرى على الله أن يري الرجل عينيه ما لم تريا ] معناه أن يقول رأيت في منامي كيت و كيت و لم يكن رأى شيئا و قال ابن مسعود رضي الله عنه : لا يزال العبد يكذب و يتحرى الكذب حتى ينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه فيكتب عند الله من الكاذبين فينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة فإن في السكوت سلامة و السلامة لا يعدلها شيء و في صحيح البخاري [ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ] فهذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا و هو الذي ظهرت مصلحته للمتكلم قال أبو موسى قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال : [ من سلم المسلمون من لسانه و يده ] و في الصحيحين : [ إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ـ أي ما يفكر فيها بأنها حرام ـ يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق و المغرب ] و في موطأ الإمام مالك من رواية بلال بن الحارث المزني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها له رضوانه إلى يوم يلقاه و إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه ] و الأحاديث الصحيحة بنحو ما ذكرنا كثيرة و فيما أشرنا إليه كفاية و سئل بعضهم : كم وجدت في ابن آدم من العيوب ؟ فقال : هي أكثر من أن تحصى و الذي أحصيت ثمانية آلاف عيب و وجدت خصلة إن استعملها سترت العيوب كلها و هي حفظ اللسان جنبنا الله معاصيه و استعملناه فيما يرضيه إنه جواد كريم ) موعظة ( أيها العبد : لا شيء أعز عليك من عمرك و أنت تضيعه و لا عدو لك كالشيطان و أنت تطيعه و لا أضر من موافقة نفسك و أنت تصافيها و لا بضاعة سوى ساعات السلامة و أنت تسرف فيها لقد مضى من عمرك الأطايب فما بقي بعد شيب الذوائب ؟ يا حاضر البدن و القلب غائب اجتماع العيب الشيب من جملة المصائب يمضي زمن الصبا و حب الحبائب كفى زاجرا واعظا تشيب منه الذوائب يا غافلا فإنه أفضل المناقب أين البكا لخوف العظيم الطالب أين الزمان الذي ضاع في الملاعب ؟ نظرت فيه آخر العواقب كم في القيامة مع دمع ساكب على ذنوب قد حواها كتاب الكاتب ! من لي إذا قمت في موقف المحاسب و قيل لي : ما صنعت في كل واجب ؟ كيف ترجو النجاة و تلهو باسر الملاعب إذا أتتك الأماني بظن الكاذب الموت صعب شديد مر المشارب يلقي شره بكأس صدور الكتائب فانظر لنفسك و انتظر قدوم الغائب يأتي بقهر و يرمي بسهم صائب يا آملا أن تبقى سليما من النوائب بنيت بيتا كنسيج العناكب أين الذين علوا متون الركايب ضاقت بهم المنايا سبل المذاهب و أنت بعد قليل حليف المصايب فانظر و تفكر و تدبر قبل العجايب
Tags:
الكبائر